البحث عن الحقيقة

بعد أن انتهت مدة خدمتى فى السلوم، وعدت الى القاهرة وجدت أن هناك تيارات كثيرة تسعى الى التحرير، الأحزاب وعلى رأسها (الوفد)، والأخوان المسلمون، ومصر الفتاة، والشيوعيون فقررت بالمبادرة بالانتماء الى احداها رغم تعارض ذلك مع عملى فى (جيش جلالة الملك).
وكان بديهيا أن أبدأ من حيث أنتهيت، من التيار الذى كان يقوده (سعد زغلول) الذى ألهب مشاعرى لأول مرة، (الوفــد).
ومعروف أن (الوفد) بعد (سعد زغلول) بدأ بفقد شعبيته مع مرور الزمن، مما جعلنى أعيد التفكير فى مجال جديد.
وبطبيعتى الريفية المتمسكة بالدين رأيت أن أتصل  (بالأخوان المسلمين) وكان المسئول عن تجنيد الضباط للأخوان ضابط بوليس سابق اسمه (لبيب) ، وكانت لى معه اتصالات أسبوعية منظمة غير أنها لم تطل أكثر من شهور رأيت بعدها أن الأخوان لم يكونوا منظمين تنظيما عصرياً مقبولا، ولعل أبرز النقاط التى نفرتنى منهم هو مناداتهم بأن دستورهم هو (القرآن).
ومع احترامى الشديد بل وتقديسى (للقرآن) غير أن اطلاق هذا الشعار مطلقاً كان لا يعنى شيئاً فليس من المعقول أن نضع (القرآن) أى المصحف أمامنا لنحتكم اليه فى كل قضية، ويمفهومى للأمور كنت أتصور أن يكون الاخوان قد استنبطوا من كتاب الله دستوراً عصرياً مكتوبا بلغة الدساتير المعروفة وكانت لا تنقصهم القدرة على ذلك، فقد كانت فيهم الكفاءات العالية فى مجالات القانون على ذلك، وكانت عندهم فى جميع المجالات قدرات معروفه، ولكنهم لسبب لا أدريه لم يكونوا قد وضعوا مثل هذا الدستور الذى يصلح أساساً لمناقشة برنامجهم وأسلوبهم فى الحكم، والذى يحكم والقرآن دستوره لا بد أن يكون رجلا له علم تام بالقرآن ولفهم معانيه وأحكامه ولن يكون ذلك ممكنا لكل من يفرض عليه منصبه الحكم فى القضايا.. وليس الحكم قاصراً على القضاة والولاه، بل أن كل مسئول مهما صغر مركزه يعتبر قاضياً فى رعيته المسئول عنها.
فوجود دستور مكتوب فى بنود يفصل الحكم فى القضايا من جميع فروع الحياة يستند فى أحكامه الى (القرآن) كان عملا لابد منه، أما أن يقولوا لمن يسألهم عن برنامجهم السياسى أن دستورنا هو (القرآن) فلم يكن رداً مقتنعاً.
وقد بينت الأحداث فيما بعد جمود الاخوان العقائدى، فحين أنشق الأخوان على أنفسهم وظهر فيهم جناح تقدمى معارض، وطالبوا (الهضيبى) خليفة المرحوم (البنا) بالتخلى عن (الخلافه)، قال لهم نفس الكلمة التى قالها (الخليفة عثمان بن عفان): (هذا قميص قمصنيه الله) مما يعنى أن الخلافة تلازمه حتى الموت، وكأنما نسى (الهضيبى) أن الخليفة (عثمان بن عفان) حينما قال ذلك للشعب الثائر المطالب بخلعه قام الشعب بانهاء حياته أنهاء لخلافته.
لهذا ولأسباب أخرى تبينت أن اتجاه (الاخوان المسلمين) لم يكن الاتجاه الذى يرضى ما أختزنته فى نفسى من الثورة.
لجأت بعد ذلك الى جماعه (مصر الفتاة)، ولم تطل مسيرتى معهم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق