فى صباح يوم 22 يوليو كنت جالسا فى مكتبى بمعسكر (هايكستب) أفكر فى الطريقة التى أجمع بها ضباطى فى المساء للعودة الى المعسكر (للمبيت) حتى القيام بالعمل، وبديهى أن سرية العمل كانت تقتضى حصر المعرفة فى الضباط المعنين فقط حتى آخر لحظة ممكنة، ضمانا للأمن وعدم تسرب المعلومات فلم يكن بين ضباط الكتيبة من يعرف أننا سنقوم بالعمل الكبير المرتقب فى هذه الليلة غيرى أنا واليوزباشى (عبد المجيد شديد) الذى كان يلينى فى قيادة القوة..
وفى هذا الصباح قدم لى (عبد المجيد شديد) ثلاثة ضباط جدد تخرجوا فىالكلية الحربية وانضموا الى قوتنا فجاءوا لتقديم لنفسهم لمقر الكتيبة الموجود بالقاهرة لحين وصول القوة الأساسية وتوزيعهم عليها بمعرفة (قائد الكتيبة) وفكرت فى هؤلاء الثلاثة الجدد، هل أشركهم فى العمل؟ أم امنحهم أجازة يوم أو يومين أو حتى لحين وصول القوة الأساسية يوم 26؟؟ ووجدتنى استريح لقرار اشتراكهم فى العمل الكبير، ليقول كل منهم لأولاده وأحفاده فيما بعد أن أول عمل قام به فى أول يوم خدمته هو الاشتراك فى الثورة، وراقتنى هذه الفكرة لا سيما وأنهم اذا لا قدر الله فشل العمل، فسيجدون عذرهم فى عدم تحمل المسئولية لأننى كنت بالطبع سأحلمها عنهم بحكم ظروفهم، وأن ذلك لن يريد موتى مرارة، وقررت اشراكهم..
وبينما أنا حائر أقلب الأمر على وجوه شتى وأحاول اختراع أسباب للعودة مساء والمبيت فى المعسكر ولا اهتدى الى سبب معقول واذا بــ (عبد المجيد شديد) يدخل على بالحل وكأنما هبط هذا الحل على من السماء..
قدم لى (عبد المجيد) تقريرا يتضمن أن الضباط (النوبتجى) الذى كان مكلفا بالمبيت بالمعسكر فى الليلة السابقة كان قد (زوغ)، أى ترك الخدمة وبات حيث شاءت له ظروفه، ووجدت فى هذا الحادث حلا شافيا.
طلبت من (عبد المجيد) أن يجمع لى كل ضباط الكتيبة، بما فيهم الثلاثة الجدد، فلما أكتملوا أمامى وجهت الكلام الى الضباط الذى ارتكب الخطأن وقلت له: يؤسفنى أننى علمت بما كان من استهتارك فى الليلة السابقة ومبيتك بعيدا عن مكان خدمتك.. ولكى القى عليك وعلى جميع أخوانك درساً فى الواجب، فأننى قررت أن نعود جميعا فى المساء فنقتضى الليل فى المعسكر بل ولقد كان لنا بعض الضباط فى القاهرة يتلقون (فرق تدريب) فكلفت (عبد المجيد) بالاتصال بهم واخبارهم بالحضور للمبيت معنا وبذلك اكتمل عدد الضباط حوالى 12 ضابطا مع هذه القوة البسيطة.
وتحددت الساعة السادسة مساء 22 يوليو لنلتقى جميعنا ومعنا الفرق التعليمية فى ميدان (صلاح الدين) بمصر الجديدة حيث تكون العرات فى انتظارنا.
وصلت الى مكان اللقاء قبل الموعد بنحو ربع ساعة، وتصادف أن كان المكان أمام أجزخانة فطرأت لى فكرة أن اطلب من الصيدلى حقنة ضد النزيف تكون قوية فباعنى الحقنة فرجوته أن يعطيها لى فأعتذر لعدم وجود استعداد فى الصيدلية لذلك، وأشار لى الى عيادات كثيرة للاطباء وأخبرنى بأننى لا بد أجد فى هذه العيادات من يقوم بذلك.
وفعلا توجهت الى أول عيادة دكتور وقام التومرجى بالمطلوب على خير حال، ولما أكتمل الضباط بما فيهم ضباط فرق التعليم، تحركنا الى المعسكر وأنا أشعر بارتياح شديد من ناحية لأمن، فلو أن أحد من ضباطى سئل عن سبب تواجدنا لأجاب اجابه تحتوى على الحق والأمن جميعا..
بقينا فى المعسكر وانهمك الضباط فى أحاديث شتى حتى وصل رسول القيادة الضابط (زغلول عبد الرحمن) وكان يحمل معه بطيخة كبيرة لم يجد الضباط سكينا لقطعها فاستعملوا لسونكى فى ذلك، وبينما هم منهمكون فىتقطيع البطيخة وتوزيعها انفرد بى (زغلول) وأفضى الى بآخر الأوامر وكانت تحتوى على ساعة الصفر (منتصف الليل) وكلمة السر (نصر) كانت هذه هى الرسالة التى حملها (زغلول- الى- أو التى سمعتها منه- أو شاء الله أن أسمعها منه على هذا النحو- وقابلت (زغلول) كثيراً بعد ذلك وبعد نجاح الثورة فكنت اسأله عن حقيقية (ساعة الصفر) التى بلغها لى فكان يبتسم- ولا يجيب...
بقى (زغلول) معنا فى تلك الليلة حتى تحركنا.. وقبل ساعة الصفر بحوالى ثلث ساعة جمعت الضباط ووزعتهم على القوة التى كانت حوالى 60 جنديا قسمتهم الى ثلاث فصائل وأمرتهم بتجهيز فصائلهم والاستعداد للتحرك بالتجمع فى مكان استلام العربات (اللورى) ومع كل جندى مائة طلقة ذخيرة على أن يتم التجمع فى خلال ربع ساعة، وأمرت (عبد المجيد شديد) بالاتصال (بعبد القادر مهنا) لتجهيز الـ 40 لورى وعاد (عبد المجيد) ليقول لى أن اللورى جاهزة وتجمع الضباط والجنود فخطبت فيهم خطبة قصيرة أستثير حماسهم واطلعهم لأول مرة أنهم سيتحركون للاشتراك فى عمل خطير، لصالح الوطن وأن كلا منهم سيفخر طوال حياته بالساهمة فى هذا العمل الخطير...
وخصصت اللوارى الثلاثة الأولى لركوب الفصائل الثلاثة على أن أكون أنا ومعى ضابطان فىعربتى (الجيب) فى مقدمة القوة، ويكون (عبد المجيد شديد) خلف القوة، أى خلف ال 40 لورى كما تقضى تعليمات التحرك، وكان زغلول يصحبه فى عربته.
وأمرت الفصائل بالركوب وعند انتصاف الليل تماما كنا جاهزين للتحرك فى ساعة الصفر تماما.
وفى هذا الصباح قدم لى (عبد المجيد شديد) ثلاثة ضباط جدد تخرجوا فىالكلية الحربية وانضموا الى قوتنا فجاءوا لتقديم لنفسهم لمقر الكتيبة الموجود بالقاهرة لحين وصول القوة الأساسية وتوزيعهم عليها بمعرفة (قائد الكتيبة) وفكرت فى هؤلاء الثلاثة الجدد، هل أشركهم فى العمل؟ أم امنحهم أجازة يوم أو يومين أو حتى لحين وصول القوة الأساسية يوم 26؟؟ ووجدتنى استريح لقرار اشتراكهم فى العمل الكبير، ليقول كل منهم لأولاده وأحفاده فيما بعد أن أول عمل قام به فى أول يوم خدمته هو الاشتراك فى الثورة، وراقتنى هذه الفكرة لا سيما وأنهم اذا لا قدر الله فشل العمل، فسيجدون عذرهم فى عدم تحمل المسئولية لأننى كنت بالطبع سأحلمها عنهم بحكم ظروفهم، وأن ذلك لن يريد موتى مرارة، وقررت اشراكهم..
وبينما أنا حائر أقلب الأمر على وجوه شتى وأحاول اختراع أسباب للعودة مساء والمبيت فى المعسكر ولا اهتدى الى سبب معقول واذا بــ (عبد المجيد شديد) يدخل على بالحل وكأنما هبط هذا الحل على من السماء..
قدم لى (عبد المجيد) تقريرا يتضمن أن الضباط (النوبتجى) الذى كان مكلفا بالمبيت بالمعسكر فى الليلة السابقة كان قد (زوغ)، أى ترك الخدمة وبات حيث شاءت له ظروفه، ووجدت فى هذا الحادث حلا شافيا.
طلبت من (عبد المجيد) أن يجمع لى كل ضباط الكتيبة، بما فيهم الثلاثة الجدد، فلما أكتملوا أمامى وجهت الكلام الى الضباط الذى ارتكب الخطأن وقلت له: يؤسفنى أننى علمت بما كان من استهتارك فى الليلة السابقة ومبيتك بعيدا عن مكان خدمتك.. ولكى القى عليك وعلى جميع أخوانك درساً فى الواجب، فأننى قررت أن نعود جميعا فى المساء فنقتضى الليل فى المعسكر بل ولقد كان لنا بعض الضباط فى القاهرة يتلقون (فرق تدريب) فكلفت (عبد المجيد) بالاتصال بهم واخبارهم بالحضور للمبيت معنا وبذلك اكتمل عدد الضباط حوالى 12 ضابطا مع هذه القوة البسيطة.
وتحددت الساعة السادسة مساء 22 يوليو لنلتقى جميعنا ومعنا الفرق التعليمية فى ميدان (صلاح الدين) بمصر الجديدة حيث تكون العرات فى انتظارنا.
وصلت الى مكان اللقاء قبل الموعد بنحو ربع ساعة، وتصادف أن كان المكان أمام أجزخانة فطرأت لى فكرة أن اطلب من الصيدلى حقنة ضد النزيف تكون قوية فباعنى الحقنة فرجوته أن يعطيها لى فأعتذر لعدم وجود استعداد فى الصيدلية لذلك، وأشار لى الى عيادات كثيرة للاطباء وأخبرنى بأننى لا بد أجد فى هذه العيادات من يقوم بذلك.
وفعلا توجهت الى أول عيادة دكتور وقام التومرجى بالمطلوب على خير حال، ولما أكتمل الضباط بما فيهم ضباط فرق التعليم، تحركنا الى المعسكر وأنا أشعر بارتياح شديد من ناحية لأمن، فلو أن أحد من ضباطى سئل عن سبب تواجدنا لأجاب اجابه تحتوى على الحق والأمن جميعا..
بقينا فى المعسكر وانهمك الضباط فى أحاديث شتى حتى وصل رسول القيادة الضابط (زغلول عبد الرحمن) وكان يحمل معه بطيخة كبيرة لم يجد الضباط سكينا لقطعها فاستعملوا لسونكى فى ذلك، وبينما هم منهمكون فىتقطيع البطيخة وتوزيعها انفرد بى (زغلول) وأفضى الى بآخر الأوامر وكانت تحتوى على ساعة الصفر (منتصف الليل) وكلمة السر (نصر) كانت هذه هى الرسالة التى حملها (زغلول- الى- أو التى سمعتها منه- أو شاء الله أن أسمعها منه على هذا النحو- وقابلت (زغلول) كثيراً بعد ذلك وبعد نجاح الثورة فكنت اسأله عن حقيقية (ساعة الصفر) التى بلغها لى فكان يبتسم- ولا يجيب...
بقى (زغلول) معنا فى تلك الليلة حتى تحركنا.. وقبل ساعة الصفر بحوالى ثلث ساعة جمعت الضباط ووزعتهم على القوة التى كانت حوالى 60 جنديا قسمتهم الى ثلاث فصائل وأمرتهم بتجهيز فصائلهم والاستعداد للتحرك بالتجمع فى مكان استلام العربات (اللورى) ومع كل جندى مائة طلقة ذخيرة على أن يتم التجمع فى خلال ربع ساعة، وأمرت (عبد المجيد شديد) بالاتصال (بعبد القادر مهنا) لتجهيز الـ 40 لورى وعاد (عبد المجيد) ليقول لى أن اللورى جاهزة وتجمع الضباط والجنود فخطبت فيهم خطبة قصيرة أستثير حماسهم واطلعهم لأول مرة أنهم سيتحركون للاشتراك فى عمل خطير، لصالح الوطن وأن كلا منهم سيفخر طوال حياته بالساهمة فى هذا العمل الخطير...
وخصصت اللوارى الثلاثة الأولى لركوب الفصائل الثلاثة على أن أكون أنا ومعى ضابطان فىعربتى (الجيب) فى مقدمة القوة، ويكون (عبد المجيد شديد) خلف القوة، أى خلف ال 40 لورى كما تقضى تعليمات التحرك، وكان زغلول يصحبه فى عربته.
وأمرت الفصائل بالركوب وعند انتصاف الليل تماما كنا جاهزين للتحرك فى ساعة الصفر تماما.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق