لماذا تركت (الشيوعيين)

رغم اقتناعى بأن الشيوعيين كانوا أقرب الاتجاهات الثائرة على الأوضاع الى قلبى، فأننى تركتهم فى سنة 1951.
تركتهم لأنهم انقسموا على أنفسهم حتى بلغ عدد منظماتهم عند قيام الثورة نحو عشر منظمات، فتفرقت بهم السبل حتى بات الخلاص على أيديهم بعيد الاحتمال، وتركتهم لأنى تلاقيت مع حركة (الضباط الأحرار) الذين يمكن تحقيق الخلاص على أيديهم سريعا، وكنت دائما أعتقد فى ذلك وقد بشرت به فى مواقف مختلفة لى فى الجيش.
فبعد نهاية الحرب العالمية الثانية، رأت (بريطانيا) أن تهدى (وساما) الى مصر تعترف فيه بأنه كان لمصر دور فعال فى كسب الحرب، حيث أفلح الجيش المصرى فى بعض ما فشل فيه الانجليز وبصفة خاصة (الدفاع عن قنال السويس)، الذى حققت فيه المدفعية المصرية نجاحا بعد عجز الانجليز عن القيام بهذا الواجب.
وأهدى الوسام الى قائد القوات المصرية.. الى الرجل العسكرى وفى هذا الاحتفال الذى أقيم بهذه المناسبة وحضره كبار رجال (الوفد) الذى كان فى الحكم، وكان من بينهم الخطيب الكبير (مكرم عبيد) الذى كان مشهورا ببلاغته وفصاحته فى الخطابة، القيت قصيدة جاء فى مطلعها:
ضعوا الأقلام وامتشقوا الحساما
فرب السيف قد حمل الوساما
وقولوا للذى يرجو خلاصا
بتنميق الكلام: كفى كلاما
هى الدنيا صراع لا اقتناع
بغير الجيش لن نحيا كراما
ومن نادى بغير الجيش يهذى
وعن نور الحقيقة قد تعامى

وفى المحاضرة التى القيتها فى كلية (الأركان حرب) لأحصل بها على الشهادة قلت موجهاً كلامى الى زملائى من الضباط الدارسين: ما خلاصته أن خلاص البلاد لابد أن يتم على أيديكم.
وكنت اعتقد دائما أن الجيش هو الملاذ الوحيد الذى يستطيع حل المشكلة، حتى أننى فكرت ذات يوم وأنا فى (منقباد) أن أقوم وحدى بالثورة وأنا واثق من أن الكثيرين من الضباط سيقفون فى صفى ولكن حالة العربات التى كانت تحت يدى لم تكن صالحة لنقل قوتى الى القاهرة.
فلما أرسل لى (الضباط الأحرار) رسولهم يدعونى الى الانضمام اليهم فى أكتوبر سنة 1951، كنت كمن وجد شيئا يبحث عنه، وقبلت الدعوة وأنا على يقين من قرب تحقيق الأحلام.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق