رسالة من القائمقام يوسف صديق للرئيس نجيب

_ رأيه فى الظروف التى مرت بها الثورة حتى الآن.
_ اقتراحه قيام زارة ائتلافية من الوفد والاخوان والاشتراكيين والشيوعيين برئاسة الدكتور وحيد رأفت لاجراء انتخابات للبرلمان الجديد.
  
جريدة المصرى -24 مارس 1954
زار القائمقام أركان الحرب يوسف صديق عضو مجلس قيادة الثورة سابقا السيد اللواء محمد نجيب وحدثه فى الاوضاع الراهنه، ثم أرسل لسيادته كتابا برأيه فى حل الموقف هذا نصه:
السيد رئيس الجمهورية ورئيس مجلس قيادة الثورة ورئيس مجلس الوزراء والحاكم العسكرى العام لجمهورية مصر البرلمانية، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد.
 فلا شك أنكم تقدرون مدى المسئولية التى أتحملها معكم أمام التاريخ عن مصير هذه البلاد نتيجة للعمل الايجابى العنيف الذى قمت به فى يوم 23 يوليو سنة 1952، والذى لا أستطيع أن أفلت من مسئوليته حتى بعد استقالتى من مجلس قيادة الثورة فى فبراير سنة 1953، فالتاريخ دقيق صارم فى حسابه.
ولا يسعنى وأنا أشعر بهذه المسئولية وأرى ما يجرى فى هذه الأيام الأخيرة من أحداث أن أتخلف عن أداء واجبى نحو هذه الوطن بعرض ما أراه كحل للأزمة الشديدة التى تعانيها البلاد فى هذه الظروف العصيبة، حتى أكون قد أديت واجبى كاملا نحوكم كزملاء يتحملون مسئولية ضخمة أمام التاريخ ونحو البلاد التى أصبحت فى حاجة ماسة الى علاج حاسم تستقر به النفوس وتهدأ الأعصاب وتنام الفتنه التى تطل برأسها على هذا الشعب.
 وأنى أعرض رأيى على الوجه الآتى:
1- ان حال البلاد الآن أشبه بحالالمريض، ويحاول كل مخلص من أبنائها أن يهتدى الى العلاج الناجح وأن يهدى اليه الآخرين، فاذا طال الجدل فى هذا الموقف دون  الوصول الى العلاج تعرضت حياة المريض الى خطر محقق ليس أخطر منه الا ان يجرعه السم بدل الدواء.

2- لا يمكن الوصول الى العلاج الا بعد التأكد من معرفة الداء.

3- بالرجوع الى التاريخ الذى عملناه من يوم 23 يوليو سنة 1952 الى أن وصلنا لهذه الحالة نلمس الآتى:
  (أ) بعد طرد الملك فاروق من البلاد فى 26 يوليو سنة 1952 بدأ مجلس قيادة الثورة مناقشة الخطوة التالية التى كانت تتلخص فى هذا السؤال: "لمن الحكم"؟.
  وكان هناك رأيان فى الجواب على هذا السؤال أما أحدهما فكان يرى دعوة البرلمان المنحل ليباشر سلطته الشرعية، وأما الآخر، فقال بعدم دستورية هذا الحل، ورأى أن نذهب مذهبا آخر، ثم أستقر الرأى على استفتاء قسم الرأى بمجلس الدولة مجتمعا لهدايتنا الى التصرف الدستورى السليم، فأفتى بأغلبية تسعة أصوات ضد صوت واحد بعدم دستورية دعوة البرلمان،وكان الصوت الواحد للدكتور وحيد رأفت.
  (ب) سرنا على هدى هذه الفتوى ووصلنا الى الحالة السيئة الراهنة، وتبين لنا أننا ضللنا الطريق.
  (جـ) بعد أن تبين لنا بوضوح أننا ضللنا الطريق، فلا يكون هناك تصحيح للوضع سوى أن نعود الى حيث أشكل علينا الأمر فنصحح طريقنا.

4- على ضوء هذه الحقائق نجد أن علاج الموقف ينحصر فى أحد حلين لا ثالث لهما:
  (أ) دعوة البرلمان المنحل ليتولى حقوقه الشرعية.
  (ب) تأليف وزارة ائتلافية تمثل التيارات السياسية المختلفة القائمة فعلا فى البلاد وهى: الوفد، والاخوان المسلمون، والاشتراكيون، والشيوعيون، تشرف على اجراء انتخابات للبرلمان فى أسرع فرصة حتى تختار البلاد حكامها الشرعيين ويعود الجيش الى ثكناته ليستعد للقيام بواجبه فى تحقيق أهداف الشعب فى حدو طبيعة عمله التى تنحصر فى الاستعداد لمعركة التحرير، وأقترح أن يكون رئيس الوزارة المقترحة هو الدكتور وحيد رأفت الذى أكسبته حوادث التاريخ هذا الحق فلا تكون الرياسة محلا للخلاف.
(5) أى حل آخر غير هذين الحلين يكون بمثابة اعطاء المريض السم بدل الدواء فيكون مجافيا للديمقراطية التى تنشدها الثورة، ومن ثم يكون سببا فى استمرار الاضطراب الحالى وما يترتب عليه من سوء النتائج.
(6) ان أستمرار الحكومة الحالية فى حكم البلاد لتصريف شئونها بعد أن أعلن الشعب رأيه فيها وكذلك استمرار الهيئات التى أنشأتها هذه الحكومة كلجنة الدستور مثلا هو استمرار للسياسة التى ثبت فشلها وخطرها -فما دامت الحكومة قد قررت أن تترك للشعب أموره فليس لها أن تفرض عليه أو تقترح له، فانما قمنا فى يوم 23 يوليو لتمكين الشعب من هو رغبته فى ذلك، واصراره عليه، واننى أسأل الله لكم السداد والتوفيق، والله ولى التوفيق.
القاهرة فى 17 مارس سنة 1954
القائمقام أركان حرب
يوسف منصور صديق
عضو مجلس قيادة الثورة سابقا  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق