القائمقام يوسف صديق يتحدث الى "المصرى"

_ الشعب هو الذى يرسم سياسة البلاد دائما.
_ الميول الحمراء تلصق دائما بكل حر وقد الصقت بجمال عبد الناصر وخالد محيى الدين.
_ سبب استقالتى من مجلس قيادة الثورة يفسرها تاريخ الاستقالة.


جريدة المصرى 26 مارس 1954

كتب مندوب المصرى يقول:
قلت للقائمقام يوسف صديق ان كتابك الذى أرسلته الى الرئيس اللواء محمد نجيب ونشر "المصرى" نصه قد رسم أمام الذين لا يعرفونك عشرات من علامات الاتستفهام، حاصة وأن احدى الصحف قد خرجت أمس تشكك فى اتجاهاتك وتتهمك فى أغراضك. فمن أنت؟ وما هى مبادئك؟ هل أنت من الاخوان؟ أم شيوعى؟ أم وفدى؟ أم اشتراكى؟ أم أنت من هؤلاء جميعا؟ وهل صحيح أنك كتبت رسالتك الىالرئيس نجيب بمداد أحمر على ورق أحمر؟

ضابط وطنى حر:
فتمهل القائمقام يوسف صديق وشرد بذهنه الى الوراء ثم قال:
ان صح لى أن أتحدث عن نفسى فانى أقول لهؤلاء انى ضابط مصرى قمت على رأس الضباط الأحرار يوم 23 يوليو سنة 1952 بالدور الرئيسى الذى مكن للضباط الأحرار من تنفيذ سياستهم..

مبادئ كل مصرى:
وأما مبادئى فهى مبادئ كل مصرى وطنى حر مستقل يؤمن بربه وبوطنه وأن وحدة مصر هى السلاح الأول الذى تتحقق به جميع أهدافها وان الطمأنينة والأوضاع الطبيعية والاستقرار السياسى والاقتصادى وشعور الناس أنهم سينامون فى بيوتهم وأنهم غير مهددين اذا قالوا كلمة للصالح العام بالمبيت فى السجون والمعتقلات أو باتهامهم اذا كانوا من الاخوان بانهم من عملاء لندن، واذا كانوا من الأحرار الوطنيين بأنهم من عملاء موسكو، كل هذه هى مبادئ.

بضاعة بائرة لا تروج:

واستأنف القائمقام يوسف صديق حديثه قائلا: لقد أصبحت هذه البضاعة، بضاعة الاتهامات التى تلقى جزافا، بائرة لا تروج عند الشعب، فلقد أصبح الشعب المصرى كامل الوعى مرهف الحس، يميز الغث من السمين، واذا كان الهضيبى زعيم الاخوان المسلمين فى مصر حقا من عملاء انجلترا فأنا لا يهمنى بعد ذلك أن أتهم بأنى من عملاء موسكو أو غير موسكو... ومن هم عملاء واشنطن؟ ولماذا لا نسمع أى أحاديث عنهم أو تحديد لهم؟

مصر الآن:
ثم قال: أيها الناس، ان مصر الآن ليس فيها وفدى ولا اخوانى ولا اشتراكى ولا شيوعى، فالجميع قد وقفوا صفا واحدا وراء كلمة هى كلمة الوطن، ومن سار مع القافلة فانه منها، ومن عارضها فستسحقه الأقدام مع أعداء الوطن، وستظهر الأيام أننى لست شيوعيا وأننى لا أدين بشئ الا بحبى لبلادى، لكنى أرى أن الشيوعيين الموجودين بمصر هم الآن قوة لا يمكن انكارها الا اذا أردنا الهرب من الواقع، وانهم كمصريين لهم الحق فى مناقشة آرائهم كغيرهم من المواطنين، وان انجلترا وأمريكا فيهما شيوعيون وفى الأولى حزب معترف به، ولقد صرحالهضيبى وهو الذى يمثل أكبر معسكر اسلامى فى الشرق ان الشيوعية لا تقاوم بالقوة وبالقوانين، وانه لا مانع لديه من أن يكون لهم حزب ظاهر، وان الاسلام كفيل بضمان سلامة الطريق التى تسلكها البلاد.

كنت عضوا فى مجلس الثورة:

قلت.. ان الذين قرأوا كتابك على صفحات "المصرى" وقرأوا توقيعك عليه مقترنا بعبارة "عضو مجلس الثورة السابق" أخذوا يتسألون عن قصتك ويتسألون عن دورك فى حركة 23 يوليه وعن دورك فى مجلس الثورة وكيف أصبحت غير عضو فيه،
فقـــــال:
أما أنى كنت عضوا فى مجلس الثورة فهذا أمر يعلمه كل من تتبع أحداث الثورة، وأما أن جميع المصريين لا يعرفون عنى الكثير أو القليل فذلك راجع الى أن سياسة مجلس الثورة فى أوائل الحركة كانت مبنية على نكران الذات، وأما عن دورى فى يوم 23 يوليو سنة 1952 فاتركه للتاريخ وان كان الرئيس اللواء محمد نجيب لم يبخل على الحق فى مذكراته التى نشرها على الناس حين قال: اننى كنت الشرارة الأولى التى اندلعت فى هذا التاريخ، واننى أفضل أن يسأل أيضا البكباشى جمال عبد الناصر عن هذا الدور، وأنا راضى بتقريره فى ذلك.

أسباب الاستقالة:

وأما أسباب استقالتىمن مجلس الثورة فأن التاريخ الذى استقلت فيه من المجلس وهو فبراير سنة 1953 يستطيع أن يحدد أسباب هذه الاستقالة لكل من فى رأسه عيون ترى وفى قلبه بصيرة تبصر.
سلمته الرسالة بنفسى:
قلت.. ألم يصلك الرد من الرئيس اللواء محمد نجيب على رسالتك؟
فقال: لقد سلمت رسالتى الى الرئيس اللواء محمد نجيب بنفسى، وقد تحدثت معه ساعة وبعض ساعة عما فيها، ولا يسعنى وأنا أشعر بالعبء الضخم الذى يقع على أكتافه والظروف المختلفة المحيطة به ألا أن أدعو له بالتوفيق، فقد عدت بعد هذه المقابلة الى منزلى بالزيتون وأنا أتفائل خيرا من مسلكالرئيس محمد نجيب مادام يستجيب لرغبات الشعب الذى أحبه وتعلق به.
قلت: لقد أشارت بعض الصحف أمس الى أن اقتراحك عن قيام وزارة ائتلافية من الوفد والاخوان والاشتراكيون والشيوعيين اقتراح لشخص غير مسئول، وتسألت الصحيفة: هل أنت من الذين يرسمون اليوم سياسة الدولة أم أنك لا تزال بعيدا عن مزاولة نشاطك السياسى منذ استقلت من مجلس قيادة الثورة لمناسبة ما قيل عن تدبيرك لانقلاب عسكرى. فما رأيك فى هذا الكلام؟
هل كنت تزعم حقا القيام بانقلاب عسكرى؟

الشعب هو الذى يرسم سياسة البلاد:

فقال: أحب أن أواجه الحقيقة التى تتجلى فى أن الذى يرسم سياسة البلاد الآن ودائما هو الشعب وليس هو يوسف صديق ولا مجلس الثورة ولا أى هيئة، انما هو الشعب الذى يرسم سياسته لنفسه بنفسه، وما كان اقتراحىفى هذا الصدد سوى رأى لرجل اشترك فى مسئولية الوضع الجديد للبلاد، وله غيرته على وطنه، ويحب كما يحب أى مواطن مخلص أن تسير السفينة الى شاطئ السلام دون أن تضييع جهودنا وتفنى قوانا فى التخاصم والتقاتل ونترك العدو يسعد بهذا الهدم.
أما بشأن ميولى الحمراء فان هذه الميول تلصق دائما بكل حر، وقد الصقت أخيرا وبشكل مفاجئ بالصاغ خالد محيى الدين، وأستطيع أن أقرر أن هذه التهمة قد وجهت فى وقت من الأوقات الى البكباشى جمال عبد الناصر نفسه، كما وجهت للثورة كلها فى يوم ما، ومهما وجهوا الينا من تهم سائرون فى طريقنا نضحك ملئ اشداقنا من هذه الاتهامات.
________________________

يشير المندوب الى ما كتبه الأستاذ مصطفى أمين بجريدة أخبار اليوم تحت عنوان "سلاطة" يوم 1954/3/25 تعليقا على رسالة يوسف صديق لمحمد نجيب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق