بعد نشر مقالات الوالد وأحاديثة فى جريدة "المصرى" وبعد أن عبر عن أرائه الشجاعة وتمسكه الشديد بقضية الديمقراطية حدث الآتى:
حضرت مع زوجى وابنتى الرضيعة ليلى الى القاهرة لزيارة أسرتى حيث تركنا الطفلة معهم وذهبت مع زوجى الى سينما مترو لمشاهدة فيلم ذهب مع الريح، وعند عودتنا رأينا مشهداً مفزعاً، حيث وجدنا الفيلا التى تملكها والدتى السيدة/ توحيدة صبرى بحلمية الزيتون محاصرة من الخارج بعدد كبير جدا من جنود البوليس الحربى المسلحين ببنادق (برته) سريعة الطلقات وداخل الحديقة عدد كبير منهم وأمام الفيلا كانت توجد قطعة أرض فضاء شيد فيها الجنود خمية كبيرة بها عدد كبير آخر من نفس الجنود وتحولت الفيلا الى ثكنة عسكرية مسلحة وكأن الحرب قد قامت، وحاول رئيسهم منعى من الدخول فأخبرته أننى ابنة يوسف صديق فأخبرنا أنه قد تم تحديد أقامته بالمنزل وأنه ممنوع الدخول أو الخروج منه فطلب منى زوجى الدخول ومضى هو راجعا حتى لا تحدد اقامته بالتالى:
وجدت والدى فى حالة عصبية شديدة من هذا الاجراء الفاشستى العنيف الذى أن دل على شئ انما يدل على ترسيخ الحكم الفردى الدكتاتورى الذى ستراه البلاد قريبا على يد هؤلاء الأحرار الذين عزلوا الملك الفاسد وجاءوا ليخلصوا مصر وشعبها من الطغاه والظالمين، خاصة وأننا علمنا أن الفيلا التى كان يسكنها الرئيس محمد نجيب والتى كان شارع طومنباى يفصلها عن فيلتنا، قد ثم تغيير الحراسة حولها بحراسة أخرى تنتمى الى التيار المعادى للرئيس محمد نجيب مما جعل والدى يوصف رسالته اليه بأنها رسالة من "الحر المعتقل الى المعتقل الحر"، وفى هذه الفترة حدث أن مرضت ابنتى الرضيعة فخرجت لأشترى لها دواء من الصيدلية المجاورة وتسللت خارجة حتى لا يشعر أبى بأى احتكاك محتمل من الحرس، فتصدى لى رئيس الحرس قائلا ممنوع يافندم الخروج بهدوء ان ابنتى الرضيعة مريضة وانى ذاهبة لاحضر لها الدواء فقال اذ خرجت لن أسمح لك بالدخول هذه هى الأوامر فقلت بانفعال "سأرجع بالدواء وسأرى كيف ستمنعنى من الدخول"، وفعلا أحضرت الدواء ولم يحتك بى.
وفى هذه الفترة أيضا فى مساء أحد الأيام جاءتنا مكالمة تليفونية من مجهول يخبرنا أن هناك مؤامرة ستتم لاغتيال كل من محمد نجيب ويوسف صديق، فما كان من والدى الا أن يقوم ويرتدى ملابسه الكاملة ويجلس فى التراس، ينتظر تنفيذ الاغتيال وشبه ذلك برجال الملك من الحرس الحديدى الذين كانوا يغتالون الوطنين مثل "عبد القادر طه" قبل الثورة، وكانت ليلة من أسود أيام حياتنا، جلسنا كلنا حوله فى التراس، تتوقف قلوبنا عند سماع صوت سيارة يقترب من الفيلا الى أن طلع النهار ونحن فى أسوأ حال، وفى أثناء الليل حاولت والدتى الاتصال بزوجة الرئيس محمد نجيب وكانت صديقتها محاولة أن تلقى الضوء على هذا الحدث ولكنها أخبرتها أن الرئيس ذهب الى مطار القاهرة لتوديع الملك سعود الذى كان فى زيارة لمصر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق