داخل مبنى قيادة الجيش

محمد نجيب -كلمتى للتاريخ- الفصل الثانى
كان ملحقا عسكريا بدمشق وبيروت ورقى الى رتبة اللواء ثم عين محافظا لكفر الشيخ ثم المنوفية، وأبلغنى جمال حماد وقتئذ أنه سيرسل لى ثلاث عربات مدرعة لاحضارى من المنزل ولكنى أخبرته بأن لا داعى لذلك فاننى سأركب فورا عربتى الأوبل الصغيرة التى يقودها سائقى الخاص توفيرا للوقت.
وصلت كوبرى القبة وهناك تلقانى بعض ضباط الثورة وانتقلت من عربتى الى عربة جيب دخلت بها مركز قيادة الجيش.
ولم أجد حسين فريد فى مكتبه، وانما وجدت ضباط الثورة يصفقون وقوفا للبكباشى يوسف صديق الذى كانت قواته القادمة من هاكستيب -ضواحى القاهرة البعيدة- هى أول قوات تحتل القيادة وتعتقل اللواء حسين فريد الى معسكر الاعتقال فى الكلية الحربية المواجهة لها.
وكانت لحظة عامرة بالحب والثقة... كل ضابط يهنئ زميلة ويقبله والبشر يملأ الوجوه رغم ليلة طويلة بلا نوم... وأشرق على القاهرة فجر يوم بهيج.
والتف حولى الضباط... كلهم أولادى... تجاوزت الخمسين وهم بعد مازالوا فى ربيع العمر لم يتجاوز أكبرهم الخامسة والثلاثين.
وبدأنا نتلقى البلاغات من الوحدات المختلفة وقد نفذت الخطة فى القاهرة تماما، واعتقل معظم قادة الاسلحة والخدمات... وتم اعتقال الباقين فى الصباح.
ولم يكن هناك لواء عامل فى الجيش يوم 23 يوليو 1952 ينعم بحريته سواى.. حتى شقيقى على دخل المعتقل مع زملائه.
وما أن أشرق الصباح حتى تلقيت مكالمة من رئيس الوزراء أحمد نجيب الهلالى يدعونى فيها للذهاب الى الاسكندرية ولكنى اعتذرت عن عدم امكانية هذا الطلب.. ولما استفسر منى عن طلبتنا قلت له أننا....
وكان حضور أعضاء مجلس القيادة قد اكتمل لأن بعضهم لم يشارك فى خطة العمليات ليلة الحركة حيث كان جمال سالم فى العريش وصلاح سالم فى رفح وعبد اللطيف البغدادى وحسن ابراهيم فى المنزل أيضا فى انتظار احتلال القيادة للتحرك مع بعض القوات لاحتلال المطارات... وقد نفذا ذلك فعلا فى صباح 23 يوليو.
وبدأ تحرك القوات للأسكندرية... القائمقام أحمد شوقى قائد الكتيبة 13 مشاة التى أدت دورا بارزا ليلة الحركة ليقود المشاه، والبكباشى يوسف صديق قائدا لمدافع الماكينة، والبكباشى حسين الشافعى قائدا للمدرعات والبكباشى عبد المنعم أمين قائدا للمدفعية.
وسافرت بالطائرة صباح يوم 25 ومعى يوسف صديق وجمال سالم وأنور السادات وحسين الشافعى وزكريا محيى الدين الى الاسكندرية.
كانت المدينة فى حالة ابتهاج واضحة اذ أنها كانت مليئة بالمصطفين وكانت تحركاتنا على الكورنيش من و الى ثكنات مصطفى كامل تثير عاصفة من الحماس والتصفيق.
وتمنيت أن يتم خلع فاروق دون اراقة دماء أو التحام مع جنود الحرس الملكى الذين كانوا مازالوا موجودين فى القصور الملكية.
كانت الخطة معدة للتنفيذ فى نفس اليوم... ولكن البكباشى زكريا محيى الدين طلب التأجيل يوما واحد لعدة أعتبارات أهمها أن الجنود لم يناموا منذ قامت الحركة، وأن الطابور المدرع تنقصه بعض التجهيزات الادارية.
وحاول جمال سالم الاعتراض بدعوى أننا نحن أيضا لم ننم منذ بدأت الحركة، ولكنى حسمت الأمر بتأجيل العملية الى السبت 26 يوليو.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق