فكرة


الأستاذ مصطفى أمين
جريدة الأخبار بتاريخ 1991/3/28

هذا رجل اختلفت معه وأحببته، حاربنى وحاربته، طالب برأسى واحترمته اختلفت مع البكباشى يوسف صديق عضو مجلس قيادة الثورة. كان يؤيد محمد نجيب وكنت أؤيد جمال عبد الناصر وكان يقول لى أن جمال عبد الناصر يريد أن يكون دكتاتور! وكنت أؤكد له أن جمال عبد الناصر يريد الديمقراطية وكان هو على حق وكنت أنا على خطأ، وكان عذرى أننى سمعت عبد الناصر بنفسى وهو يؤكد أنه يريد الديمقراطية وان زملاءه أعضاء مجلس الثورة هم الذين يصرون على الدكتاتورية.
وتحمل هذا الرجل ما لا يتحمله البشر، كان دمه ينزف وهو يقود القوة المكلفة بالاستيلاء على رياسة الجيش فى القبة والقبض على كل القادة وحدد له عبد الناصر موعدا للتحرك، ولم يحترم هو هذا الموعد وتحرك قبل ساعة من ساعة الصفر، واعتقد البعض أن هذا سيؤدى الى فشل الثورة وأثبتت الأيام بعد ذلك أن تحركه هذا هو الذى أنقذ الثورة من الفشل فقد ظهر أن الملك عرف بهذا السر قبل موعد التحرك بعدة ساعات.
وقيل أنه شيوعى ولهذا أخرجوه من مجلس الثورة ولم يحاول أنيحارب الثورة وبقى يتفرج من بعيد، ولكن القبضة الحديدية وصلت اليه واعتقلته واعتقلت زوجته وشقيق زوجته، وعاش بعد ذلك مطاردا مفضوبا عليه من كل الجهات وكان شريفا فى خصومته يقول رأيه ولا يخاف، وضع رأسه على كفه ليلة 23 يوليو، وبقى وأضعا رأسه على كفه الى أن مات. تعرض لأزمات مالية حتى جاء وقت لا يجد فيه ثمن الدواء ومع ذلك لم يمده للسلطات ولم يرسل يرجو ويتوسل ويطلب العفو، كان يستطيع فى تلك الليلية أن يحكم مصر، وان يطالب بحقه فى قيادة الثورة، ولكنه كان رجلا متواضعا يرفض أن يفرض نفسه أو يطالب بحقة فى النفوذ والسلطان، قال لى يوماً لبضع ساعات كنت أستطيع أن أصبح حاكم مصر، ولكننى فضلت أن أرتاجع خطوتين الى الوراء خشية أن تفشل الثورة ولست نادماً الآن على اننى فعلت ذلك.
كان بطلا، يمشى كبطل ويفكر كبطل ويتكلم كبطل، كانت قوته فى صموده وفى ايمانه بأفكاره المتطرفه، وفى أثناء أزمة مارس كتب مقالا يقول فيه أن الحل هو أن تتولى الحكم وزارة يدخلها الشيوعيون والاخوان المسلمين والوفديون، وكتبت مقالا أعارض فكرته وأقول ان هذه الوزارة (سلاطة روسية) وقابلنى بعد ذلك وهو يضحك ويقول (تأكد أنها سلاطة بلدى).
إن من حق هذا الرجل أن نطلق اسمه على الشارع الذى أطلق فيه الرصاصة الأولى للثورة.
الرجل الذى قاد الطابور الأول الذى صنع نصر الثوار.
مصطفى أمين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق