عن الملابس المدنية

للسيد/ خالد محيى الدين
الأهالى 1996/7/24

تحرك طابور الكتيبة التى تملك قوة نيران شديدة ومدافع رشاش ثقيلة عالية الكفاءة وفى مقدمته سيارة جيب بها القائمقام (البكباشى فى ذلك الوقت) يوسف صديق، ولدى خروجه المبكر فوجئ بالقرب من أبواب المعسكر باللواء عبد الرحمن مكى قائد فوقة المشاة الثانية فقام باعتقاله، وعند مدخل المعسكر كان هناك الأميرالاى عبد الرؤوف عابدين يسرع بعربته الى الهاكستب فاعتقله أيضا.. وسار موكب غريب جدا، سيارة جيب بها بكباش، ثم سيارة أخرى ترفع بيرق اللواء وبداخلها سجينان لواء وأميرالاى ثم طابور سيارات مدافع ماكينة.
كان الموكب يسرع نحو هدفه، وفيما هو يهز شوارع مصر الجديدة مقتربا من كوبرى القبة مبكرا بحوالى ساعة، قرر يوسف صديق أن يوقف القوة قليلا حتى تقتر ساعة الصفر.
وفى هذه الأثناء اقترب شخصان يرتديان ملابس مدنية ويركبان سيارة صغيرة من هذا الطابور الغريب والمريب، سيارة اللواء التى تحمل البيرق أثارت نخاوفهما ودهشتهما معا، وتقدم عبد الحكيم عامر بصورة لافتة للنظر محاولا أن يتعرف أيه قوات هذه وأى بيرق هذا، والى أين يتجه، وتحت قيادة من ولحساب من تتحرك؟ وارتاب الجنود فى هذين الشخصين وقاما بالقبض عليهما.. وثارت ضوضاء، وتوقفت السيارة الجيب وخرج يوسف صديق ليسأل عما جرى.. فوجد أمامه جمال عبد الناصر مقبوضا عليه هو وعبد الحكيم عامر، أمر على الفور باطلاق سراحهما، كانت كلمات جمال عبد الناصر أسرع مما يجب، وعرف يوسف صديق ما حدث، واتفقوا فى سرعة على احتلال مبنى قيادة الجيش والقبض على من فيه.. وأسرع جمال عبد الناصر وعبد الحكيم عامر الى منزليهما ليلبسا ملابسهما العسكرية وأسرع يوسف صديق ليوزع قواته لتصبح فى وضع الاقتحام.

   ويقول فى موضع آخر من نفس المصدر:
_ والمسألة الثانية هى أن جمال عبد الناصر وعبد الحكيم عامر كانا وحتى لحظة القبض عليهما بواسطة قوات يوسف صديق يرتديان الملابس المدنية، ويحاول البعض أن يستنتج من هذا أنهما كانا يريدان التخلص من المسئولية فى حالة فشل الحركة والقبض عليهما.
وردى على ذلك.. أنه بالنسبة لأى من أعضاء "لجنة القيادة" لم يكن هناك أى مجال للتخلص من المسئولية فى حالة الفشل، وخاصة بالنسبة لشخص كجمال عبد الناصر الذى تورط أمام أعداد كبيرة من الضباط بصفته المسئول الأول عن الحركة، أما ارتداء الملابس المدنية فيمكن فهمة وفهم مبرراته، فعبد الناصر وعامر لم يكن لديهما قوات ليتحركا بها، ورغبة منهما فى التحركبحرية ولضمان الاتصال بأية قوات، وابلاغها بضرورة مهاجمة قيادة الجيش فقد كان من الطبيعى أن يرتديا ملابس مدنية، والتحرك بملابس عسكرية كان مستحيلا فى ليلة كهذه خاصة وأنهما يعلمان جيدا أننا أصدرنا تعليمات بمنع تحرك الضابط من رتبة بكباشى فما فوق...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق